مدونة: الربــاب
-----------------------------------------------
رباب كساب هى أديبة من فصيل المُبدعين حقاً، ومن يحاول النقل لها يقع في حيرة؛ لأنه يكون أمام نخبة من القصص القصيرة التي سطرها قلمها بكل وعي، وحرفة الكاتب المتمكن جداً من أدواته،
ولكن هذا الموضوع ليس إحدى قصصها، ولكنها خواطر كتبتها بكل صدق..
كلمات خرجت من القلب .. فوصلت إلى القلب
-----------------------------------------------
خلاص خلص يناير..
خلص يناير اللي عمري ما بستناه.. يمكن زمان كنت بستنى بفرحة السنة الجديدة، وأستنى بالذات يوم عشرة منه، لكن لما جربت يوم 23 اللي أخد مني الفرحة، وأخد من حياتي النور، بقيت خلاص مش بستنى السنة الجديدة.. مش بستنى يناير.
سنتين دلوقت مش عارفة مروا إزاي ولا عدوا عليا أنا بالذات إزاي.
شفت فيهم كتير وعرفت ناس كتير.. ناس خدت مني ولا ادتش، وناس ادتني ولا خدتش، ناس قربت، وناس بعدت،
جربت يعني إيه تكون بتضحك وجواك مليان وجع؟، جربت إزاي تعمل حاجات لا كانت تخطر ببالك إنك تعملها، ولا حتى فيها منك ومن ملامحك؟،
تتكلم كلام مش بتاعك، تكتب كلام كنت بتتخيله من غير ما تحسه، ولما حسيته ملا عيون الناس بالدموع، وملاك إنت حزن فوق الحزن.
حاولت كتير ما اكتبش الكلام ده، حاولت كتير أنسى وأعدي اليوم، واخترت إني أعيش يوم 23 المرة دي بعيد... بعيد، وأقضيه مع أحب الناس لقلبي،
صحيح أسعدني، صحيح ملا حياتي ووقف جنبي ورجعني من تاني أعرفني بعد ما تهت كتير عني، وعواصف حياتي معاه شغلتني عن كل حاجة، لكن الغصة اللي جوايا كانت بتمحي ببطء ملامح الفرح.
بعدت عن كل مظاهر الحزن والذكرى.
ليه يوم ميلاده أمي ما جابتش تورتة وعملت عيد ميلاده الستين، وافتكرته واترحمت عليه؟
ليه كانت عايزاني افتكر يوم وفاته، اليوم اللي ودع فيه الدنيا وسابني فيها لوحدي؟
ليه بس بنفتكر يوم الوداع ولا نفتكر يوم الميلاد؟
مش بنساه، و كل ما أعدي على ( بابا ) في قايمة الأسماء على موبايلي قلبي يوجعني، وتجري الدموع لعيني، بس مقدرتش أشيله منها،
لكن ليه افتكره في يوم الوداع؟
ليه ما افتكرش أيامي معاه من يوم ما اتولدت لحد ما راح؟
ما بقدرش أنسى أبدا كل يوم كان ياخدني فيه الحضانة الصبح ونغني سوا، ولا الحواديت اللي كان بيحكيها لي أنا وأخواتي قبل ما ننام، ولا أول مرة كتبت فيها اسمي وأد إيه كان فرحان لما كتبت بالقلم الرصاص.... رباب.
ولا أول يوم وداني فيه المدرسة، ولا زعله مني عشان كنت بليدة قوي في الحساب، ولا أول يوم وداني فيه الكلية، وسابني ورجعت له بالليل متأخرة وألاقيه واقف مستنيني وقلقان في أول مرة أتحرك لوحدي من غيره.
مش قادرة أنسى وأنا لسة عمري سبع سنين وماسكة الجرنان وقاعدة أقرا زيه تمام، ولا لما تعجبني مقالة وأتناقش فيها وياه، مش قادرة أنسى لما كنا نتخانق على الكلمات المتقاطعة اللي منها علمني مفردات اللغة، كان يسبقني ويحلها وكنت أخدها من وراه واسطرها في ورقة وأراجعها من حله اللي دايما صح، وأوقات كنت ما اعرفش أحلها ويضحك ويقولي أساعدك قولي ما تنكسفيش، كنت فعلا بابقى مكسوفة بس كنت منه بتعلم... دايما منه بتعلم.
ويا سلام على فيلم السهرة يقعد يتفرج معانا ع الفيلم للآخر وفي النهاية يقولي فيلم ساقط ابن..........
طبق الفول من إيده ولا أجدع مطعم يعرف يعمله، طعمه وحشني قوي، كانت متعته إننا نشاركه الأكل، يفرح قوي لو جاب حاجة وقلنا عليها.... الله حلوة، كان بيبقى ساعتها زي الطفل الصغير وأحسني في لحظتها أمه مش بنته.
أد إيه مفتقدة إني وأنا راجعة من الشغل ألاقيه واقف مستنيني في البلكونة، لمسة إيده الصبحية وهو بيقولي إيه مفيش شغل النهاردة؟ وأنا أبقى مكسلة أقوم أو بتلكع عشان يجي يصحيني بنفسه.
فتحت عيني على ثقافته رغم إن تعليمه متوسط مش عالي، أول كتب مسكتها كانت كتبه القديمة وملاحظاته اللي كان بيسجلها بخطه الجميل جدا اللي كان بيعملي بيه وسائل الإيضاح اللي المدرسة بتطلبها مننا كل سنة، وبتطلع أحسن لوح تتعلق في الفصل.
أول مرة قريت كلام أغنية ألف ليلة وليلة كانت بخطه لقيتها في كتاب قديم من كتبه.
ورحت أدور ع الأغنية اللي باعتبرها من أقرب أغاني الست لقلبي.
كنت أقوله حرام عليك الجرنان اشتكى في ايدك هو عاد فيه خبر ما قريتوش؟
كان يبص لي كده من فوق لتحت ويقولي لسة شوية ما أنا سايبه ليكي طول النهار، بيغيظني مش اكتر .
ياااااااااااااااه سنين كتير من عمري كانت وياه في حضنه، كان بيفهمني من غير ما أتكلم، كان بيعرفني من بس كلمة،
أمي بتقولي إنتي نسخة منه، بصراحة كل ما بتعدي الأيام بلاقيني فعلاً........هو.
أنسى إزاي راجل خرجت البلد كلها لوداعه، ناس جت من كل حتة، من قريب ومن بعيد، مناصب مكنتش أعرف إنه يعرف أصحابها، وناس بسيطة جدا كان يعرفها،
محصل شركة الكهربا مابقاش عايز يجي يدينا وصل النور، بيوديه للجيران عشان مش قادر يخبط علينا وما يلاقيهوش.
أول مرة شفته بعدها بكى وسابني ومشي، دموع كتير شفتها في عيون كل واحد عرفه، رجال ما تخيلت لحظة إني أشوف دموعهم.
خطيب الجمعة في الجامع اللي بيصلي فيه فضل يدعي له أكتر من جمعة، أنساه إزاي وهو سايبلي حب الناس ليه، وترحمهم عليه... حاجة ما تتقدرش.
مش نساياك ومش معنى إني هربت يوم ذكرى وفاتك إني نسيتك.. أنا مقدرش أنساك لأني لو نسيتك يبقى بانسى عمري كله، بانسى نفسي وكل اللي علمتهولي، وتعبك عشاني ومعايا.
في كتير كلام نفسي أقوله، في كتير أحداث مرت علينا ما تتنسيش، ظروف كتير صعبة وأيام كتير حلوة، نجاح وفشل وكلام أملا بيه كتب، وإن حصل ودا مستحيل إني أنسى،
فأنا لسة بكتب اسمي رباب عبد الحكيم.
وحشتني.
-----------------------------------------------
الدنيا يا رباب.. دار أغيار وليست دار قرار، كل من عليها فانِ.
اليوم نحن نتذكر الراحلون.. وغداً سيتذكرنا الباقون، ولكن تبقى الذكرى العطرة قنديل ينير ظلمات حياة ما بعد الحياة.
تغمد الله الوالد، ووالدينا بواسع رحمته، وأسكنهم فسيح الجنان.
واعتذر لتغيير عنوان الموضوع..
رابط الموضوع الأصلي: في ذكراه
0 comments
Post a Comment